الأربعاء، 18 مارس 2009

عندما اكتمل الجمال (قصة للأطفال)

وقف بجوار الحائط، فتح لفافة ورقية أخرج ما فيها وراح يأكل، بدا أنه كان جائعا، وبدا أنه كان غريب عن المدينة، انتهى من طعامه، وأعاد طي الورقة، كوَّرها في قبضته ونظر حوله، كان يبحث عن صندوق القمامة، لم يجد شيئاَ، ظلت الورقة في يده وواصل السير، كان الشارع يبدو رائعاً، اصطف الشجر على الجانبين، وبدت رؤوس الأشجار كأنها قباب عالية، وهبت نسائم تلو الأخرى تصافح الوجوه فأنعشت النفوس وملأت النفس ثقة واعتدادا، واصل سيره، مازالت الورقة في قبضته، بجت كأنها حمل ثقيل يريد التخلص منه، حتى أنه لم ير صندوقا للقمامة.
أيفعلون كل هذا الجمال وينسون صناديق القمامة؟
هل يلقي عليهم المسؤلية ويلقي الورقة من يده؟ . . أين يرميها . . في الشارع بالطبع. . سيراها الجميع . . ستبدو نشازاً واضحاً، وربما يطيرها الهواء صول القباب الخضراء، أو تحط على مكان أكثر جمالاً، سيكون هو المسئول، هل يأتي الى المدينة الجميلة مرة فيصفعها بورقة متسخة؟ !
سيواصل سيره وبحثه، حتماً سيرى صندوقا. . كل شيء يبدو بهيجا، شجر على الجانبين، قواعد بلاستيكية حمراء تبدو كمصابيح جميلة، عليها زهور تنساب في رقة بألوان اختارها فنان مبدع. . أين يضع الورقة إذن، كانت مياه النافورة في وسط الميدان تتعالى تلقي رذاذا خفيفا كأنه زجاجة عطر تحرص على أن تعطر وجوه المارة جميعهم.
والورقة؟
هل بضعها في جيبه حتى يخرج من هذه المدينة، من الصعب أن يخدش حياء الشارع الجميل، أن يجرح روعته ورقته وخضرته الجميلة.
كانت النافورة شيئا مدهشا بديعاً، لابد أ، يقف بضع دقائق، يشاهد ارتفاع الماء لأعلى، ركن الى الرصيف، في نفسه : ما أروع هذا الشارع، وما أروع ساكنيه!
استند الى إحدى القواعد الحمراء، راح يشاهد ما عليها من زهور تنساب في رقة وعلى الألوان المشعة، ولمح كلمة توشك أن تتوارى في قلب اللون البني : الق ما معك هنا.
ضغط على ارتفاع القاعدة، انفتحت على الفور، رآها تمتلئ حتى المنتصف، ألقى الورقة التي معه، استراح أخيراً، عاد الصندوق كما كان.
ابتسم وجه الرجل، وابتسمت معه المدينة، كاد يشع وجهه فرحا وسروراً، قال : الآن اكتمل الهاء . . حقاً اكتمل البهاء.



ليست هناك تعليقات: