الأربعاء، 18 مارس 2009

ضبط النفس

هل تلبي لنفسك كل رغباتها ؟ هل تفعل كل ما تشتهي ؟ فكلما اشتهيت شيئا أكلته، وكلما اشتقت إلى فعل فعلته، فتنساق خلف أهواء نفسك ورغباتها وشهواتها من غير ضوابط؟ أم أنك تقف لها بالمرصاد. تحاول تقويمها، وتسعى إلى ضبطها، وتجتهد في ترشيدها؟
فإذا كنت تتساهل مع نفسك، وتلبي لها كل رغباتها، فإنها لا تشبع عند حد معين، ولكن كلما طاوعتها، ولبيت لها رغباتها، فإنها تزداد شراهة، وتطلب المزيد، وتستمر في الانحدار، وكما قال الشاعر :
النفسُ كالطفلِ إنْ تهمله شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
نفس الإنسان في حاجة دائمة، إلى ترويض وتدريب وتربية، كي تقوى وتسمو وترتفع، وتكون أكثر خشية لله تعالى، وتشعر بالخوف والرهبة من اقتراف الذنوب.
من وسائل تدريب النفس، ألا تلبي لها كل ما تشتهيه، بل عليك أن تعتاد مقاومة رغباتك، حتى لا تقع فريسة للأفعال السيئة، والعادات الذميمة، وتعتاد الإسراف الذي نهى عنه الله ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، نبدأ بالطعام والشراب، فينبغي ألا نسرف في تناولهما، فنلتهم كل ما تشتهيه أنفسنا، فيؤدي ذلك إلى الكسل والخمول، نتكاسل عن أداء أعمالنا، ونقصر في عبادة ربنا.
حذر عمر بن الخطاب رضي الله عنه من الشراهة والنهم، في تناول الطعام والشراب، فقال : إياكم والبطنة في الطعام والشراب، فإنها مفسدة للجسم، مورثة للسقم، مكسلة عن الصلاة، وعليكم بالقصد فيها فإنه أصلح للجسد، وأبعد عن السرف.
وفي موقف آخر يعلم أمير المؤمنين عمر إبنه عبد الله درسا في مقاومة رغبات النفس، فقد دخل عليه ذات يوم، فرآه يأكل لحما، فقال له : ما هذا اللحم؟! أجاب عبد الله : اشتهيته، فقال له عمر رضي الله عنه : أوكلما اشتهيت شيئا أكلته؟! كفى بالمرء سرفا أن يأكل كل ما اشتهى.
ليس معنى ذلك أن يحرم المسلم نفسه مما أحله الله له، أو يمتنع عن تناول الطيبات التي إباحها الله له، ولكنه ترويض للنفس كي يعتاد السيطرة عليها، وأيضا استعدادا لظروف معيشية صعبة، قد يتعرض لها ذات يوم في حياته، ولو بشكل مؤقت.
وإذا كان الطعام والشراب يحتاج إلى ضبط النفس ومجاهدتها، فإن غيرهما من الشهوات والرغبات تحتاج إلى جهد مضاعف.
بعض الشهوات والرغبات، تبدأ بمقدمات تؤدي إليها، لذا فإن مجاهدة النفس تبدأ بهذه المقدمات، أولها : النظرة الحرام، فإنها حرام في حد ذاتها، كما إنها تؤدي إلى ما هو أكبر منها، فيعيش الإنسان في صراع واضطراب، وقد يؤدي الأمر إلى الوقوع في خطيئة كبرى والعياذ بالله، رغم أنه كان من الممكن تدارك الأمر في بدايته، وذلك باجتناب النظرة، باجتناب الكلمة، باجتناب الاختلاط، وكل ما يؤدي إلى الوقوع في الخطأ.
كذلك إذا أردت أن تجلس لاستذكار دروسك، لابد أن تقاوم رغبتك في اللهو واللعب ومشاهدة التلفاز، والدخول على النت، لساعات طويلة، ومحادثات الدردشة، وغيرها من الرغبات.
إذا كنت ممن يطلق العنان لرغباته، فاستغفر الله، وابدأ صفحة جديدة بمجاهدة النفس، ومقاومة الرغبات، وعلينا أن نتذكر أن الإخلاص في العبادة أحد أهم الأسباب التي تعيننا على ضبط النفس ومغالبة الهوى.



هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

صدقت ...كل ما لبينا رغباتنا حتى لو كانت بسيطة وحلال ...مع الايام نستدرج لاشباع رغبات اكبر وربما تكون مخالفة للشريعة....فردعها في الصغيرة اهون من ردعها في الكبيرة...فيجب مقاومتها حتى لا تصبح وحشا يلتهمنا
جزا الله صاحب الموضوع خيرا